محمد جمعة عبدالهادي | بطاقات تعريفية - 08 | "كتاب الملاحق في رسائل الماجستير والدكتوراة"، (جريدة السياسة الكويتية، الكويت، السبت، 16 ربيع الأول، 1440هـ/24 نوفمبر، 2018م، السنة 50، العدد: 17893)، ص 11
* رابط تحميل البطاقة بالمقالة (موقع أكاديميا)
تُعد “الملاحق” كتابًا ملحقًا ومُضافًا الى الدراسة؛ تاجًا وثيق الصلة
بها، موصول الصلة بفقراتها وتقاريرها، معرضًا جليلا بما يحتويه من فهارس
متنوعة، وكشافات تحليلية مختلفة، وجداول إحصائية وبيانات جديدة، وخرائط
ووثائق وصور ومشجرات وأشكال تعرض وتنشر للمرة الأولى على أقل تقدير؛ وهذا
منال وحال كثير من الباحثين الذين لديهم رغبة حقيقية في تقديم محتوى جديد
عبر رسائلهم العلمية؛ ويدل على إدراكهم ووعيهم بقيمة الرسالة التي يحتفون
بما فيها في ضوء الملاحق.
كما يعي المحكم للرسائل العلمية قيمة الملحق المضاف من الباحث، ويقدر له كل
التقدير ما أسهم به من جديد؛ فينظر إلي ما قدمه بعين الاعتبار أثناء
التحكيم لرسالته العلمية، ويكشف عن جليل ما أضافه من ملاحق، ويبحث في قدرات
الباحث في ربط كتاب الملاحق بالدراسة، وكم هو عدد الملاحق الجديدة التي
أعدها، وكم تقريرا تم بثه في دراسته من خلالها، وما هو مستوى الدقة العلمية
والفنية من حيث العرض لهذه الملاحق؟
إن الصحيح الواجب فعله من الباحث أن يعمل على إعداد “كتاب الملاحق” أولا،
قبل البدء في الدراسة، فيصير للدراسة كالتاج: علمًا وفنًا، لا يبعد محتواه
عن أصيل مادة البحث، ولا يقدر ما فيه من ثمن؛ خصوصا إذا احتوى كتاب الملاحق
على كل ما من شأنه أن يصنعه الباحث من جديد، يعتمد عليه خلال كتابته
للرسالة العلمية (الماجستير والدكتوراة)، ويقف عليه بالرصد والتحليل
والتفسير والمقارنة، وغيره من الأعمال الببليوغرافية التي ينشئها خلال
إعداد وجمع وترتيب بحثه، وبعد صياغة تقريره اعتمادا على الملحق المذكور،
يقوم بإحالة القارىء إلى الفصل الموجود فيه الملحق ورقمه، ورقم الصفحة، كل
ذلك في الحاشية. فيذكر”راجع: الملاحق: الملحق رقم: ، الخرائط، خريطة رقم:
“عنوان الخريطة”، ص …”، أو” راجع الملاحق: الجداول، جدول رقم: “عنوان
الجدول” ، ص”، أو” راجع: الملاحق: فهارس الأعلام، فهرس رقم: “عنوان
الفهرس”، ص”. وهكذا، فيكتب الباحث تقاريره اعتمادًا على الملاحق التي
وضعها، ويربط هذه التقارير بكل ملحق.
كل ما هو جديد يجب أن يكون عنوان ما تحتويه الملاحق فيما يصنعه الباحث
بناءً على المادة الموضوعية التي درسها في بحثه، فعلى سبيل المثال “فصل
الخرائط”: حينما يضع الباحث خريطة لتوزيع مجموعة من العلماء في مواضع
متفرقة بمنطقة جغرافية؛ فإنه يصنع لها مفاتيح جديدة، ويعين لكل مفتاح رمزًا
لزيادة أو نقصان الأعداد في المواضع الجغرافية الموضحة على الخريطة المعدة
لذلك، ومن ثم يكون قد صنع، ابتداءً، خريطة جديدة لتركز عدد من العلماء في
منطقة جغرافية، فضلا عن خريطة يوضح عليها مجموعة من القرى أو المدن التي
تتبع حدود دراسته من الناحية الجغرافية.
إن الأمر ليس مجرد نقل للخرائط من أطلس جغرافي وارفاقها بكتاب الملاحق،
وتوثيقها بإنه قد تم الحصول عليها من المرجع أو المصدر كذا، لكن الصياغة
الصحيحة لاقتباس الخرائط، بالإضافة إلى الاعتماد على الخريطة، وتوثيقها
وذكر مصدر الحصول عليها بإشارة مرجعية، هو ذكر العناصر التي تمت إضافتها
على الخريطة، من توضيح لموضع مطمور، أو إظهار لعناصر جديدة؛ وبالتالي يصير
لكتاب الملاحق قيمة علمية وفنية.
والواجب ألا يأخذ الباحثون الملاحق محل الشكل فقط، احتسابًا واتمامًا
للجانب الفني للبحوث العلمية من حيث هو العنصر الفني، وهو أن الرسالة يجب
أن تتوج بمجموعة من الملاحق توضع في نهايات كل رسالة علمية، وهذا المأخذ
يمكن اعتباره صحيحًا، لكنه صحيحًا من ناحية الإعداد الفني فقط؛ حيث قد لا
يتوخى الباحث، في كثير من الأحيان، خلال إعداد الرسالة تلك الجوانب العلمية
الصحيحة، كما يتضح ذلك في كثير من الرسائل العلمية التي تمت مراجعتها،
والتي قد تجد فيها صور وأشكال وخرائط؛ إما: أنها غير موصولة بمادة البحث؛
فلا تجد إشارة مرجعية في متن الدراسة تحيل القارئ إلى الملحق وفصله ورقمه،
وإما أن تجد الملحق المضاف إلى الملاحق لا علاقة له بموضوع الرسالة العلمية
(ماجستير أو دكتوراة)، وعديم الصلة بالدراسة بالأساس، فضلا عن عدم توثيقه
في موضعه؛ إنما صواب الأمر على غير ذلك من الناحيتين العلمية والفنية حينما
يتم الإعداد لكتاب الملاحق.
هناك اعتقاد ليس صحيحًا من الباحثين، وهو أن الملاحق تنحصر فقط في طباعة
الوثائق والصور والخرائط، تلك التي ينسخها من مراجع ومصادر أخرى، وقد
استخدمت في رسائل علمية أخرى هو ناقل عنها فيصير هو بمثابة الناقل لها فقط،
من دون إضافة أو تنويه أو إشارة؛ إنما عليه أن يدرك أن ما نقله ونسخه
ووضعه لديه في رسالته جزء تم الاعتماد عليه لم يسهم فيه بجديد سوى
الاقتباس، ويتبقى ما الذي قدمته من ملاحق جديدة قد يعتمد عليها لاحقون؛
فالباحث الجاد هو الذي ينتج ملاحق جديدة، يعتمد عليها غيره من التالين،
والباحث الجاد الطموح أيضًا لا يظن أو يحتسب بإن بحثه أو دراسته يرجى أن
تحتوي على عدد من الملاحق، سواء كانت منقولة أو غيره متوخيًا الشكل الفني
للرسالة فقط؛ بينما لا اعتبار لذلك؛ إنما الاعتبار الحقيقي في البحوث
العلمية الجادة أن يقدم الباحث فيها ملاحق جديدة أصيلة بالمادة العلمية
التي بحثها وتتعلق بموضوعه، ينظر إليها المحكمون بعين الاعتبار والتقدير،
وتسهم في المحتوى البحثي والرصيد العلمي.